اضربنى ولا تصرخ بوجهى
صفحة 1 من اصل 1
اضربنى ولا تصرخ بوجهى
سؤال من أبو محمد - كندا
الموضوع غريب نوعًا ما، وقد يكون مضحكًا، ولكنني بدأت أعاني منه كثيرًا، وهو باختصار يتعلق بزوجتي (30 عامًا)، وابنتي (4.5 سنوات)، ومن باب الأمانة أقول بأن زوجتي كانت تقضي وقتًا طويلاً مع ابنتها وتلاعبها، وتقرأ لها القصص، وتخرج معها كل يوم تقريبًا إلى الحدائق أو المنتزهات أو المكتبة، ولا يكاد يخلو يوم من نشاط ما.
ولكن مشكلتها أنها عصبية نوعًا ما، فمثلاً عندما تقوم بإلباس ابنتها الملابس أو تمشيط شعرها فقد تتحرك البنت، إما لأنها تغار من بعض المناطق في جسمها أو بدافع الدلال أو الدلع، فعندها تثور ثائرة الأم وتبدأ بالصراخ عليها أحيانًا تبكي الصغيرة.
ومن باب الأمانة أيضًا أقول بأن زوجتي لا تضرب ابنتها أبدًا فإذا أرادت أن تعاقبها فإنها تحرمها من شيء تحبه كقراءة القصص أو الحديقة، ولكن مشكلتها في الصراخ، علمًا بأن البنت إذا تصرفت تصرفًا خاطئًا تبدأ في البكاء أحيانًا قبل أن يتكلم معها أحد.
المهم أنه في الفترة الأخيرة بدأت الزوجة تقول لي بأنني بدأت أكرهها، وأن البنت غير متعلقة بي كبنات فلانة مع أمهن، وتقول بأنه رغم جهدها العظيم معها فإن البنت لا تحبها. وتقول لي زوجتي أحيانًا: لماذا تحبك البنت؟ رغم أنك لا تخرج معها، وعندما نسألها: من تحبين؟ تقول: أحب بابا "أكثر واحد" رغم عدم إعطائك الوقت الكافي لها كما أفعل (كما تقول الزوجة).
كما أن البنت تخطئ أحيانًا ثم تعتذر، ولكنها تعود مرة ثانية وثالثة لنفس الخطأ.. لا أدري حقيقة ماذا أقول؟ فالوضع يزداد سوءاً يومًا بعد يوم، وأخشى أن يؤثر هذا الوضع على نفسية البنت وعلى علاقتها بأمها، وأدعو الله من كل قلبي أن تكون بارة بها وبي.. فبماذا تنصحونني وبماذا تنصحون زوجتي؟ وجزاكم الله كل خير.
الحل من د. مصطفى أبو السعود
الزوج الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أهلاً بك وبحرصك الجميل على حسن علاقة طفلتك بوالدتها.
قد يبدو الأمر للوهلة الأولى مضحكًا، وربما يستغرب البعض الأمر ليقول: وأين المشكلة؟لكن الأمر يبدو مشهدًا نموذجيًّا يصف ما نحاول دائمًا التأكيد عليه من ضرورة التزام الهدوء في التربية، ذلك الطلب الذي يبدو أن بعض المربين يعتبرونه ضربًا من المستحيلات، أو على حد قول أحد زوار هذه الصفحة التخلي عن المرارة والعيش بدونها.
واعذرني سيدي إن لم أبدأ الحديث عن كيف تعود المياه إلى مجاريها بين زوجتك وطفلتكم؛ فهذا الأمر نتاج مشكلة رئيسية، ولهذا سأوجه كلامي إلى كيفية علاج هذه المشكلة الرئيسية.
أصرخ في وجه ابنتي ولا أدري لِمَ تزداد سوءاً؟!
من المتوقع جدًّا أن تكون حالة البنت كما ذكرت؛ لأن الأم تمارس أسوأ أسلوب وأخطره على الإطلاق في تربية الأبناء.. ألا وهو الصراخ.. الأمر الذي يجعل كثيرًا من الأطفال قد يلجأ إلى أن يرفع شعار "اضربني ولا تصرخ بوجهي!!".
إن الصراخ يُعَدُّ أخطر على نفسية الطفل من أي أسلوب عقابي آخر فهو طريق لما يلي:
- إهانة الطفل: الصراخ إهانة للطفل ومس بكرامته.
- تحطيم لمعنويات الطفل.
- تشكيك في قدراته الذاتية.
- سحب للثقة بالنفس.
- تدمير للعلاقة الإنسانية بين الطرفين.
ولذلك عده القرآن الكريم أنكر الأصوات وشبَّهه بصوت الحمار، مع اعتذاري للتشبيه؛ لأنني أحذِّر باستمرار من اللجوء للصراخ مع الأطفال؛ لما له من آثار سلبية خطيرة على شخصية الطفل وعلى مستقبله.
فالصراخ يشكِّل الروابط السلبية:
الصراخ يلغي لغة التواصل والتفاهم بين طرفي المعادلة؛ فالابن يدخل في حالة من الدفاع عن النفس والخوف من الصوت المرتفع، ويركِّز اهتمامه على الطرق التي تحميه من ردود أفعال غير منتظرة، ولا يبدي أي اهتمام بسلوكه الذي أثار هذا الصراخ وتسبب فيه.
كما أن الصراخ يُعَدّ أسوأ طرق التعامل مع الطفل وآثاره السلبية أكثر من آثار الضرب وغيره من الأساليب العقابية، هذا إضافة إلى كون الصراخ يُحدث ما يسمَّى بالرابط السلبي لدى الطفل والذي يدوم مع الطفل طيلة حياته، ومهما كبر فإن أي رفع للصوت أمامه يرجع لديه تلك المشاعر السلبية التي استشعرها وهو طفل صغير ضعيف.
ودعني أوضِّح الأمر لك أفضل، بتلك القصة "قصة طفل تنطقه الفطرة":
فوجئت إحدى الأمهات بابنها يتكلم مع مذيعة بقناة تلفازية تزور المدرسة وتسأل عن السلوكيات السلبية لدى الأمهات.. فوجئت بابنها يقول بأن أمه تضربه، وتحرمه من المصروف الأسبوعي، ومن نزهة آخر الأسبوع.. والأم مصدومة بكذب ابنها وادعائه عليها، وهي التي لم تضربه أبدًا ولم تحرمه من شيء.. ولما عاد وجد الأم له بالمرصاد تسأله متى ضربتك؟ متى حرمتك؟ وأجاب الطفل بكل هدوء وثقة يا أمي كان عليَّ أن أقول هذا كله عنك لئلا أخبرهم أنك تصرخين بوجهي.
بكل براءة اعتقد الطفل أنه يحمي صورة أمه وهو يخفي صراخها، وهو بهذا عبَّر عن حقيقة فطرية إنسانية، وهي أن أصعب شيء على نفس الإنسان هو أن يُهان بالصراخ.
وأختم ردي بسؤال للإنسان العاقل:
لو كنت موظفًا وأخطأت وجاءك مديرك ووقف على الخطأ، هل تفضل أن يخصم عليك أجر أيام أو أن يصرخ بوجهك وأمام الآخرين؟
تذكَّر هذا:
علِّم زوجتك أن الصراخ أسوأ أسلوب تربوي.. لتشوِّه صورة الصراخ فتكرهه، وتحاول تجنبه، والتحكم في غضبها وتحسن إدارته.
إذا انتابت الزوجة حالة الصراخ والغضب علِّمها أن تمسك أصابعها، وتبدأ العد من 1 إلى 10، أو أن تمسك جبينها وتنظر للأعلى وتذكر الله عز وجل.
- يمكنها أن تستعيد ثقة ابنتها ببدء عملية الحوار من جديد معها بكل هدوء وتكثر من مداعبتها، وتستمر على هذا لفترة لتعيد برمجة البنت على تقبل الأم التي لا تصرخ.. تبتسم، وتداعب، وتلاعب.. فقط؛ لتشبع حاجة ابنتك للمحبة لتطمئن، فالطفل يحتاج إلى حنان ومحبة والديه أكثر من حاجته إلى كثرة الهدايا والمشتريات، فالمحبة تزرع الطمأنينة، وتوطد العلاقة، وتزيل عنه هواجس الشعور بكراهيته.
-
وتذكرا، وليتذكر كل والد ووالدة أن حاجة الطفل أن يُحَبَّ لا يمكن لأية هدية أن تعوضها.
الموضوع غريب نوعًا ما، وقد يكون مضحكًا، ولكنني بدأت أعاني منه كثيرًا، وهو باختصار يتعلق بزوجتي (30 عامًا)، وابنتي (4.5 سنوات)، ومن باب الأمانة أقول بأن زوجتي كانت تقضي وقتًا طويلاً مع ابنتها وتلاعبها، وتقرأ لها القصص، وتخرج معها كل يوم تقريبًا إلى الحدائق أو المنتزهات أو المكتبة، ولا يكاد يخلو يوم من نشاط ما.
ولكن مشكلتها أنها عصبية نوعًا ما، فمثلاً عندما تقوم بإلباس ابنتها الملابس أو تمشيط شعرها فقد تتحرك البنت، إما لأنها تغار من بعض المناطق في جسمها أو بدافع الدلال أو الدلع، فعندها تثور ثائرة الأم وتبدأ بالصراخ عليها أحيانًا تبكي الصغيرة.
ومن باب الأمانة أيضًا أقول بأن زوجتي لا تضرب ابنتها أبدًا فإذا أرادت أن تعاقبها فإنها تحرمها من شيء تحبه كقراءة القصص أو الحديقة، ولكن مشكلتها في الصراخ، علمًا بأن البنت إذا تصرفت تصرفًا خاطئًا تبدأ في البكاء أحيانًا قبل أن يتكلم معها أحد.
المهم أنه في الفترة الأخيرة بدأت الزوجة تقول لي بأنني بدأت أكرهها، وأن البنت غير متعلقة بي كبنات فلانة مع أمهن، وتقول بأنه رغم جهدها العظيم معها فإن البنت لا تحبها. وتقول لي زوجتي أحيانًا: لماذا تحبك البنت؟ رغم أنك لا تخرج معها، وعندما نسألها: من تحبين؟ تقول: أحب بابا "أكثر واحد" رغم عدم إعطائك الوقت الكافي لها كما أفعل (كما تقول الزوجة).
كما أن البنت تخطئ أحيانًا ثم تعتذر، ولكنها تعود مرة ثانية وثالثة لنفس الخطأ.. لا أدري حقيقة ماذا أقول؟ فالوضع يزداد سوءاً يومًا بعد يوم، وأخشى أن يؤثر هذا الوضع على نفسية البنت وعلى علاقتها بأمها، وأدعو الله من كل قلبي أن تكون بارة بها وبي.. فبماذا تنصحونني وبماذا تنصحون زوجتي؟ وجزاكم الله كل خير.
الحل من د. مصطفى أبو السعود
الزوج الفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أهلاً بك وبحرصك الجميل على حسن علاقة طفلتك بوالدتها.
قد يبدو الأمر للوهلة الأولى مضحكًا، وربما يستغرب البعض الأمر ليقول: وأين المشكلة؟لكن الأمر يبدو مشهدًا نموذجيًّا يصف ما نحاول دائمًا التأكيد عليه من ضرورة التزام الهدوء في التربية، ذلك الطلب الذي يبدو أن بعض المربين يعتبرونه ضربًا من المستحيلات، أو على حد قول أحد زوار هذه الصفحة التخلي عن المرارة والعيش بدونها.
واعذرني سيدي إن لم أبدأ الحديث عن كيف تعود المياه إلى مجاريها بين زوجتك وطفلتكم؛ فهذا الأمر نتاج مشكلة رئيسية، ولهذا سأوجه كلامي إلى كيفية علاج هذه المشكلة الرئيسية.
أصرخ في وجه ابنتي ولا أدري لِمَ تزداد سوءاً؟!
من المتوقع جدًّا أن تكون حالة البنت كما ذكرت؛ لأن الأم تمارس أسوأ أسلوب وأخطره على الإطلاق في تربية الأبناء.. ألا وهو الصراخ.. الأمر الذي يجعل كثيرًا من الأطفال قد يلجأ إلى أن يرفع شعار "اضربني ولا تصرخ بوجهي!!".
إن الصراخ يُعَدُّ أخطر على نفسية الطفل من أي أسلوب عقابي آخر فهو طريق لما يلي:
- إهانة الطفل: الصراخ إهانة للطفل ومس بكرامته.
- تحطيم لمعنويات الطفل.
- تشكيك في قدراته الذاتية.
- سحب للثقة بالنفس.
- تدمير للعلاقة الإنسانية بين الطرفين.
ولذلك عده القرآن الكريم أنكر الأصوات وشبَّهه بصوت الحمار، مع اعتذاري للتشبيه؛ لأنني أحذِّر باستمرار من اللجوء للصراخ مع الأطفال؛ لما له من آثار سلبية خطيرة على شخصية الطفل وعلى مستقبله.
فالصراخ يشكِّل الروابط السلبية:
الصراخ يلغي لغة التواصل والتفاهم بين طرفي المعادلة؛ فالابن يدخل في حالة من الدفاع عن النفس والخوف من الصوت المرتفع، ويركِّز اهتمامه على الطرق التي تحميه من ردود أفعال غير منتظرة، ولا يبدي أي اهتمام بسلوكه الذي أثار هذا الصراخ وتسبب فيه.
كما أن الصراخ يُعَدّ أسوأ طرق التعامل مع الطفل وآثاره السلبية أكثر من آثار الضرب وغيره من الأساليب العقابية، هذا إضافة إلى كون الصراخ يُحدث ما يسمَّى بالرابط السلبي لدى الطفل والذي يدوم مع الطفل طيلة حياته، ومهما كبر فإن أي رفع للصوت أمامه يرجع لديه تلك المشاعر السلبية التي استشعرها وهو طفل صغير ضعيف.
ودعني أوضِّح الأمر لك أفضل، بتلك القصة "قصة طفل تنطقه الفطرة":
فوجئت إحدى الأمهات بابنها يتكلم مع مذيعة بقناة تلفازية تزور المدرسة وتسأل عن السلوكيات السلبية لدى الأمهات.. فوجئت بابنها يقول بأن أمه تضربه، وتحرمه من المصروف الأسبوعي، ومن نزهة آخر الأسبوع.. والأم مصدومة بكذب ابنها وادعائه عليها، وهي التي لم تضربه أبدًا ولم تحرمه من شيء.. ولما عاد وجد الأم له بالمرصاد تسأله متى ضربتك؟ متى حرمتك؟ وأجاب الطفل بكل هدوء وثقة يا أمي كان عليَّ أن أقول هذا كله عنك لئلا أخبرهم أنك تصرخين بوجهي.
بكل براءة اعتقد الطفل أنه يحمي صورة أمه وهو يخفي صراخها، وهو بهذا عبَّر عن حقيقة فطرية إنسانية، وهي أن أصعب شيء على نفس الإنسان هو أن يُهان بالصراخ.
وأختم ردي بسؤال للإنسان العاقل:
لو كنت موظفًا وأخطأت وجاءك مديرك ووقف على الخطأ، هل تفضل أن يخصم عليك أجر أيام أو أن يصرخ بوجهك وأمام الآخرين؟
تذكَّر هذا:
علِّم زوجتك أن الصراخ أسوأ أسلوب تربوي.. لتشوِّه صورة الصراخ فتكرهه، وتحاول تجنبه، والتحكم في غضبها وتحسن إدارته.
إذا انتابت الزوجة حالة الصراخ والغضب علِّمها أن تمسك أصابعها، وتبدأ العد من 1 إلى 10، أو أن تمسك جبينها وتنظر للأعلى وتذكر الله عز وجل.
- يمكنها أن تستعيد ثقة ابنتها ببدء عملية الحوار من جديد معها بكل هدوء وتكثر من مداعبتها، وتستمر على هذا لفترة لتعيد برمجة البنت على تقبل الأم التي لا تصرخ.. تبتسم، وتداعب، وتلاعب.. فقط؛ لتشبع حاجة ابنتك للمحبة لتطمئن، فالطفل يحتاج إلى حنان ومحبة والديه أكثر من حاجته إلى كثرة الهدايا والمشتريات، فالمحبة تزرع الطمأنينة، وتوطد العلاقة، وتزيل عنه هواجس الشعور بكراهيته.
-
وتذكرا، وليتذكر كل والد ووالدة أن حاجة الطفل أن يُحَبَّ لا يمكن لأية هدية أن تعوضها.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين 29 مارس - 19:46 من طرف adammyson
» الوضوء وقاية من الامراض
الثلاثاء 31 مارس - 20:28 من طرف نورالايمان
» فورمات للقلب
الثلاثاء 31 مارس - 20:18 من طرف نورالايمان
» فوائد التمر
الثلاثاء 31 مارس - 20:07 من طرف نورالايمان
» هل يحاسب الانسان عن مايدور فى نفسه
الثلاثاء 31 مارس - 20:04 من طرف نورالايمان
» هل وقفت يوما امام قبر
الثلاثاء 31 مارس - 20:00 من طرف نورالايمان
» معانى الاشهر الهجرية
الثلاثاء 31 مارس - 19:56 من طرف نورالايمان
» كم وزنك
الثلاثاء 31 مارس - 19:41 من طرف نورالايمان
» تحريم الاغانى
الإثنين 30 مارس - 17:46 من طرف نورالايمان